أفاق تلامذة ثانوية محمّد هجرس بالمحمّدية (الدّار البيضاء)، يوم الأربعاء، على فاجعة وفاة زميلهم ”أسامة حلوان” الذي يدرس في القسم النهائي إثر تعرّضه لأزمة قلبية. ويذكر أنّ مصالح الأمن قد فتحت تحقيقا على إثر الحادث، للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء وفاة التلميذ، وأنّ جثمانه قد ووري الثّرى أوّل أمس بعد صلاة المغرب في مقبرة العالية.
وفور سماعها الخبر، تنقلت ”الفجر” إلى حيّ المحمّدية بالمقاطعة الإدارية للدار البيضاء، من أجل الوقوف عن كثب على ظروف الوفاة. وكان التأثّر باديًا على محيّا تلامذة الثانوية، لاسيما زملاء الفقيد أسامة في القسم النّهائي، الذين لم يستوعبوا ما حلّ بزميلهم. وقد كانت واضحة حاجتهم الماسة إلى خليّة سيكولوجية مصغّرة تسهر على طمأنتهم وتهدئة بالهم، كما هو الحال في البلدان المتقدمة. والمقصود هنا مصالح الصّحة المدرسية لأن الحالة التي كان فيها التلاميذ تستدعي تدخلا طارئا من مصالح طبية مختصة.
وأرجع التلامذة الرّاوون لظروف الوفاة إلى يوم الثلاثاء، عندما كانت أستاذة إحدى المواد العلمية بصدد إرجاع علامات امتحان الفصل الاوّل إلى التلاميذ، وحصول الفقيد على علامة ضعيفة صادمة، لم يتقبلها، والتمس من الأستاذة المساعدة إعادة احتساب ما اعتقد أنها نسيت احتسابه لرفع مستوى العلامة، خوفا على ما يبدو من غضب ولي أمره، لكنّ طلبه قوبل بالرّفض، وكان ما كان لدى عودة أسامة إلى البيت متذمرا ومستاء وربما خائفا من ردّة فعل ذويه.
ويذكر أنّ الفقيد من أولئك الذين رفعوا التّحدي خلال تنظيم سباق ”رن الجيرز 2013”، حيث حمل الشارة رقم 3479 وقطع مسافة 6 كيلومترات في ظرف قياسي قدره 27 د و57 ثا، محتلا بذلك الرتبة 788 من أصل 5000 مشارك. شيء جميل، لكن هل تمّ فحص الفقيد في يوم من الأيام لتحديد إمكانية إصابته أو تعرضه لمشاكل صحية؟. لدى استفسارنا بعض تلاميذ المؤسسة، إضافة إلى مؤسسات أخرى، ومعهم أولياؤهم عن صحّة خبر قيام أطباء عيون وأسنان وعامون و أخصائيون النفس بزيارات لمؤسساتهم التعليمية، وحتى تلك المتعلقة بإثبات أهليتهم لممارسة التربية البدنية، كان الجواب قطعيا بلا وأنّ الزيارات تقتصر على حملات التلقيح فحسب.
والمعلوم أنّ الوزارات المعنية تقوم بوضع برامج للمتابعة الطّبية للتّلاميذ المتمدرسين بالمؤسّسات التربوية في كامل ولايات القطر، وتنصّب في سبيل ذلك وحدات للكشف والمتابعة الصّحية للمرضى المزمنين مع بداية كل سنة بموجب منشور وزاري خاص بما في ذلك مرض القلب والربو وغيرهما من الأمراض التي يمكن أن تنتهي بمآسي. لكن الواقع يقول إن هذا الكلام حبر على ورق وأنّ الأمور تسير بنحو مغاير تماما، تطغى عليه اللامبالاة وعدم متابعة إنجاز وتنفيذ البرامج والمشاريع، وأوّلها الصحة المدرسية، والتي اتضح أنها تستخدم للتباهي وتنميق مضمون المشاريع لا أكثر ولا أقل. وما تفشي الحَوَل و تسوس الأسنان إلا أمثلة بسيطة عن انعدام المتابعة الجادّة.
ويضاف إلى إهمال التلميذ صحيّا، مطالبته بالمستحيل، كحصوله على علامات ممتازة وهو لا يملك إلى ذلك سبيلا، جرّاء نقص الفهم والسّهو وضعف المستوى أحيانا ورغبته في الترويح عن نفسه والهروب من عالم الدراسة أحيانا أخرى. كما قد تتعدّى طرق العقاب التهديد إلى الضرب.
فهل آن الأوان لأن نكون صادقين مع أنفسنا ولو لمرّة، وأن نراجع أنفسنا كأولياء وسياستنا كمسؤولين، ونصغي إلى انشغالات أبنائنا وتلامذتنا اللّذين أنهكهم ثقل المقرّرات، ونكفّ عن تهديدنا ووعيدنا لهم في البيت وفي المدرسة، وحرماننا إياهم أوقات استراحتهم الصّباحية والمسائية للتستّر على تأخيرات وغيابات الاستاذ، حتّى جعلناهم عبوّات محشوّة ضغوطات، أم نكتفي بالقول في كلّ مرّة حين يحلّ بنا البلاء: مات والسّلام.
و.صويلح