يهدف التقويم القبلي إلى تحديد مستوى المتعلم تمهيداً للحكم على صلاحيته في مجال من المجالات، فإذا أردنا مثلاً أن نحدد ما إذا كان من الممكن قبول المتعلم في نوع معين من الدراسات كان علينا أن نقوم بعملية تقويم قبلي باستخدام اختبارات القدرات أو الاستعدادات بالإضافة إلى المقابلات الشخصية وبيانات عن تاريخ المتعلم الدراسي وفي ضوء هذه البيانات يمكننا أن نصدر حكماً بمدى صلاحيته للدراسة التي تقدم إليها.
وقد نهدف من التقويم القبلي توزيع المتعلمين في مستويات مختلفة حسب مستوى تحصيلهم.
وقد يلجأ المعلم للتقويم القبلي قبل تقديم الخبرات والمعلومات للتلاميذ، ليتسنى له التعرف على خبراتهم السابقة ومن ثم البناء عليها سواء كان في بداية الوحدة الدراسية أو الحصة الدراسية.
فالتقويم القبلي يحدد للمعلم مدى توافر متطلبات دراسة المقرر لدى المتعلمين، وبذلك يمكن للمعلم أن يكيف أنشطة التدريس بحيث تأخذ في اعتبارها مدى استعداد المتعلم للدراسة. ويمكن للمعلم أن يقوم بتدريس بعض مهارات مبدئية ولازمة لدراسة المقرر إذا كشف الاختبار القبلي عن أن معظم المتعلمين لا يمتلكونها.
ثانياً: التقويم البنائي
وهو الذي يطلق عليه أحياناً التقويم المستمر، ويعرف بأنه العملية التقويمية التي يقوم بها المعلم أثناء عملية التعلم، وهو يبدأ مع بداية التعلم ويواكبه أثناء سير الحصة الدراسية.
ومن الأساليب والطرق التي يستخدمها المعلم فيه ما يلي:
1- المناقشة الصفية.
2- ملاحظة أداء الطالب.
3- الواجبات البيتية ومتابعتها.
4- النصائح والإرشادات.
5- حصص التقوية.
والتقويم البنائي هو أيضاً استخدام التقويم المنظم في عملية بناء المنهج، في التدريس وفي التعلم بهدف تحسين تلك النواحي الثلاث وحيث أن التقويم البنائي يحدث أثناء البناء أو التكوين فيجب بذل كل جهد ممكن من أجل استخدامه في تحسين تلك العملية نفسها.
وعند استخدام التقويم البنائي ينبغي أولاً تحليل مكونات وحدات التعلم وتحديد المواصفات الخاصة بالتقويم البنائي، وعند بناء المنهج يمكن اعتبار الوحدة درس واحد تحتوي على مادة تعليمية يمكن تعلمها في موقف محدد، ويمكن لواضع المنهج أن يقوم ببناء وحدة بأداء بوضع مجموعة من المواصفات يحدد منها بشيء من التفصيل المحتوى، وسلوك الطالب، أو الأهداف التي ينبغي تحقيقها من جراء تدريس ذلك المحتوى وتحديد المستويات التي يرغب في تحقيقها، وبعد معرفة تلك المواصفات يحاول واضعي المادة التعليمية تحديد المادة والخبرات التعليمية التي ستساعد الطلاب على تحقيق الأهداف الموضوعة، ويمكن للمعلم استخدام نفس المواصفات لبناء أدوات تقويم بنائية توضح أن الطلاب قد قاموا بتحقيق الكتابات الموضوعة وتحدد أي نواح منها قام الطلاب فعلاً بتحقيقها أو قصروا فيها.
ثالثاً: التقويم التشخيصي
يهدف التقويم التشخيصي إلى اكتشاف نواحي القوة والضعف في تحصيل المتعلم، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتقويم البنائي من ناحية وبالتقويم الختامي من ناحية أخرى حيث أن التقويم البنائي يفيدنا في تتبع النمو عن طريق الحصول على تغذية راجعة من نتائج التقويم والقيام بعمليات تصحيحية وفقاً لها، وهو بذلك يطلع المعلم والمتعلم على الدرجة التي أمكن بها تحقيق مخرجات التعلم الخاصة بالوحدات المتتابعة للمقرر.
ومن ناحية أخرى يفيدنا التقويم الختامي في تقويم المحصلة النهائية للتعلم تمهيداً لإعطاء تقديرات نهائية للمتعلمين لنقلهم لصفوف أعلى. وكذلك يفيدنا في مراجعة طرق التدريس بشكل عام. أما التقويم التشخيصي فمن أهم أهدافه تحديد أسباب صعوبات التعلم التي يواجهها المتعلم حتى يمكن علاج هذه الصعوبات، ومن هنا يأتي ارتباطه بالتقويم البنائي، ولكن هناك فارق هام بين التقويم التشخيصي والتقويم البنائي أو التكويني يكمن في خواص الأدوات المستعملة في كل منهما. فالاختبارات التشخيصية تصمم عادة لقياس مهارات وصفات أكثر عمومية مما تقيسه الأدوات التكوينية. فهي تشبه اختبارات الاستعداد في كثير من النواحي خصوصاً في إعطائها درجات فرعية للمهارات والقدرات الهامة التي تتعلق بالأداء المراد تشخيصه. ويمكن النظر إلى الدرجات الكلية في كل مقياس فرعي مستقلة عن غيرها إلا أنه لا يمكن النظر إلى درجات البنود الفردية داخل كل مقياس فرعي في ذاتها. وعلى العكس من ذلك تصمم الاختبارات التكوينية خصيصاً لوحدة تدريسية بعينها، يقصد منها تحديد المكان الذي يواجه فيه الطالب صعوبة تحديداً دقيقاً داخل الوحدة، كما أن التقويم التشخيصي يعرفنا بمدى مناسبة وضع المتعلم في صف معين.
والغرض الأساسي إذاً من التقويم التشخيصي هو تحديد أفضل موقف تعلمي للمتعلمين في ضوء حالتهم التعليمية الحاضرة.
تشخيص مشكلات التعلم وعلاجها:
قد يرى المعلم كل فرد في الفصل كما لو كان له مشكلته الخاصة، إلا أنه في الواقع هناك مشكلات كثيرة مشتركة بين المتعلمين في الفصل الواحد مما يساعد على تصنيفهم وفقاً لهذه المشكلات المشتركة، ولمساعدة المتعلمين لابد أن يحدد المعلم مرحلة نموهم والصعوبات الخاصة التي يعانون منها، وهذا هو التشخيص التربوي، وكان في الماضي قاصراً على التعرف على المهارات والمعلومات الأكاديمية، أما الآن فقد امتد مجاله ليشمل جميع مظاهر النمو. ولذلك فإن تنمية المظاهر غير العقلية في شخصيات المتعلمين لها نفس أحقية تنمية المهارات والمعرفة الأكاديمية.
ولا يمكن أن يكون العلاج ناجحاً إلا إذا فهم المعلمون أسس صعوبات التعلم من حيث ارتباطها بحاجات المتعلم الخاصة وأهمية إشباعها.
ويرتكز تشخيص صعوبات التعلم على ثلاثة جوانب:
أولاً: التعرف على من يعانون من صعوبات التعلم
هناك عدة طرق لتحديد المتعلمين الذين يعانون من صعوبات التعلم، وأهم هذه الطرق هي:
- إجراء اختبارات تحصيلية مسحية.
- الرجوع إلى التاريخ الدراسي لأهميته في إلقاء الضوء على نواحي الضعف في تحصيل المتعلم حالياً.
- البطاقة التراكمية أو ملف المتعلم المدرسي.
ثانياً: تحديد نواحي القوة والضعف في تحصيلهم
لا شك أن الهدف من التشخيص هو علاج ما قد يكون هناك من صعوبات، ولتحقيق ذلك يستطيع المعلم الاستفادة من نواحي القوة في المتعلم وأول عناصر العلاج الناجح هو أن يشعر المتعلم بالنجاح والاستفادة من نواحي القوة في التعلم تحقق ذلك.
ويتطلب تحديد نواحي القوة والضعف في المتعلم مهارات تشخيصية خاصة لابد للمعلم من تنميتها حتى ولو لم يكن مختصاً.
وهناك ثلاثة جوانب لابد من معرفتها واستيعابها حتى يستطيع المعلم أن يشخص جوانب الضعف والقوة في المتعلم وهذه الجوانب هي:
1- فهم مبادئ التعلم وتطبيقاتها مثل نظريات التعلم وتطبيقاتها في مجال التدريس، وعوامل التذكر والنسيان ومبادئ انتقال أثر التعلم.
2- القدرة على التعرف على الأعراض المرتبطة بمظاهر النمو النفسي والجسمي التي يمكن أن تكون سبباً في الصعوبات الخاصة، وقد يحتاج المعلم في تحديد هذه الأعراض إلى معونة المختصين وهؤلاء يمكن توفرهم في الجهات المختصة.
3- القدرة على استخدام أساليب وأدوات التشخيص والعلاج بفهم وفاعلية، ومن أمثلة هذه الأدوات الاختبارات التحصيلية المقننة إذا كانت متوفرة والاختبارات والتمرينات التدريبية الخاصة بالفصل.
ثالثاً: تحديد عوامل الضعف في التحصيل
يستطيع المعلمون الذين لهم دراية بالأسباب العامة لضعف التحصيل الدراسي للمتعلم ووضع فروض سليمة حول أسباب الصعوبات التي يعاني منها تلاميذهم. فقد يكون الضعف الدراسي راجعاً إلى عوامل بيئية وشخصية كما يعكسها الاستعداد الدراسي والنمو الجسمي والتاريخ الصحي وما قد يرتبط بها من القدرات السمعية والبصرية والتوافق الشخصي والاجتماعي
رابعاً: التقويم الختامي أو النهائي...
ويقصد به العملية التقويمية التي يجري القيام بها في نهاية برنامج تعليمي، يكون المفحوص قد أتم متطلباته في الوقت المحدد لإتمامها، والتقويم النهائي هو الذي يحدد درجة تحقيق المتعلمين للمخرجات الرئيسية لتعلم مقرر ما.
ومن الأمثلة عليه في مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية الامتحانات التي تتناول مختلف المواد الدراسية في نهاية كل فصل دراسي وامتحان الثانوية العامة والامتحان العام لكليات المجتمع.
والتقويم الختامي يتم في ضوء محددات معينة أبرزها تحديد موعد إجرائه، وتعيين القائمين به والمشاركين في المراقبة ومراعاة سرية الأسئلة، ووضع الإجابات النموذجية لها ومراعاة الدقة في التصحيح.
وفيما يلي أبرز الأغراض التي يحققها هذا النوع من التقويم:-
1- رصد علامات الطلبة في سجلات خاصة.
2- إصدار أحكام تتعلق بالطالب كالإكمال والنجاح والرسوب.
3- توزيع الطلبة على البرامج المختلفة أو التخصصات المختلفة أو الكليات المختلفة.
4- الحكم على مدى فعالية جهود المعلمين وطرق التدريس.
5- إجراء مقارنات بين نتائج الطلبة في الشعب الدراسية المختلفة التي تضمنها المدرسة الواحدة أو يبين نتائج الطلبة في المدارس المختلفة.
6- الحكم على مدى ملاءمة المناهج التعليمية والسياسات التربوية المعمول بها.
وغالباً ما تتغير وسائل التقويم تبعاً لنوع التقويم الذي يريد المعلم القيام به، فبينما يعتمد التقويم البنائي على العديد من المصادر مثل الاختبارات التحريرية المتعددة، والاختبارات الشفوية والواجبات المنزلية وملاحظات المعلم في الفصل، نجد التقويم النهائي يركز على الاختبارات النهائية في نهاية الفصل الدراسي أو العام الدراسي مع الاستفادة بجزء من نتائج التقويم البنائي في إصدار حكم على أحقية المتعلم للانتقال لصف أعلى.
أغراض تقويم المتعلم
يهتم التقويم بالمتعلم كفرد وكعضو في جماعة الفصل، ومثل هذا التقويم له غرضان:
1- مساعدة المعلمين على تحديد الدرجة التي أمكن بها تحصيل أهداف التدريس.
2- مساعدة المعلمين على فهم المتعلمين كأفراد.
والغرض الأول غرض أساسي حيث أن تقويم التغيرات التي تحدث في سلوك المتعلم يتم دائماً في ضوء أهداف التدريس، أما الغرض الثاني فهو غرض مكمل للغرض الأول، إذ لو حصل المعلمون على بيانات كافية عن كل متعلم فإنهم يستطيعون تخطيط الخبرات التعليمية لهم بشكل أفضل مما يساعدهم بالتالي على تحقيق أهداف التدريس.
تحديد التغيرات في السلوك.
هناك طرق متعددة لمعرفة ما حدث من تغيرات في سلوك المتعلمين نتيجة للخبرات التربوية، والوسائل التي تساعد على ذلك متعددة، ويمكن تصنيفها كما رأينا من قبل إلى:
1- الوسائل الاختبارية: مثل اختبارات الورقة والقلم والاختبارات الشفوية والاختبارات العملية.
2-الوسائل غير الاختبارية: مثل السجلات القصصية وقوائم المراجعة ومقاييس التقدير والمقاييس السسيومترية، وغيرها من الوسائل التي تلخص نتائج ملاحظات عينات من سلوك المتعلمين وهناك عقبتان تقفان في سبيل تحقيق تقويم شامل لأهداف التدريس وهما:
1- بعض أهداف التدريس يصعب تقويمها، إذ لا توجد وسائل كافية لتقويمها، ومن أهم تلك الأهداف ما يتصل بالقيم والاتجاهات والميول، فهذه الأهداف يصعب ترجمتها لسلوك قابل للملاحظة ومن ثم يصعب بناء الأدوات التي يمكنها أن تقيس مثل هذه المخرجات للتعلم.
2- لا يمكن في بعض المجالات تحديد المتغيرات الكلية المرغوبة في المتعلم إلا بعد مضي شهور طويلة وربما سنوات. وربما لن يكون المعلم متواجداً مع المتعلم عند حدوث ذلك.
تقويم المتعلم لتحسين تعلمه..
هناك عدة طرق يمكن أن تساعد المعلم في تحسين التعلم مما يزيد من فاعلية التقويم وهذه الطرق هي:
1- توضيح أهداف التدريس ومخرجات التعلم.
إن في معرفة المتعلم للأسس التي يقوم تحصيله على أساسها فوائد كثيرة منها توجي طريقة المتعلم في الدراسة فبدلاً من أن يركز على استظهار المادة الدراسية سوف يعلم أن الحفظ والتذكر ليسا إلا هدفا واحداً من أهداف التعلم، وأن عليه أن يستوعب المادة الدراسية ويكون قادراً على تطبيقها في مواقف جديدة. وليس المقصود هو إعطاء المتعلم قائمة بمخرجات التعلم التي يتم التدريس والتقويم وفقاً لها، فمثل هذا الإجراء قد تكون أضراره أكثر من فوائده، ولكن يمكن للمعلم إعطاؤه أمثلة من المستويات المختلفة للأهداف. بحيث تكون كافية لمعرفته بأسس التدريس والتقويم.
ويمكن للمعلم مساعدة المتعلم على سرعة إدراك مخرجات التعلم المتوقعة منه وذلك بعدة وسائل أهمها:
1- إعطاء المتعلمين في بداية المقرر اختباراً قبلياً شبيهاً بالاختبارات التي سوف تطبق عليهم خلال فترات العام الدراسي وفي نهاية العام، ومثل هذا الاختبار القبلي سوف يلفت النظر إلى طبيعة المادة الدراسية من ناحية وإلى أسلوب صياغة الأسئلة، والاختبار القبلي يفيد في اطلاع المعلم على مدى استعداد المتعلمين لدراسة المقرر.
2- تطبيق اختبارات قصيرة تدريبية بعد دراسة كل وحدة من وحدات المقرر، وتفيد هذه الاختبارات التدريبية في تهيئة المتعلمين إلى نوع الاختبارات التي سوف تجرى لهم.
3- إذا كان المعلم يستخدم في تقويم التحصيل وسائل مثل قوائم المراجعة ومقاييس التقدير لاختبار أدائهم في المختبر أو ملاحظتهم أثناء القراءة في دروس اللغة العربية فعليه اطلاعهم على أمثلة من هذه الوسائل حتى يكونوا مهيئين لها.
2- تقويم حاجات المتعلمين..
معرفة حاجات المتعلمين متطلب هام للتدريس الناجح وهناك عدة وسائل يمكن بها للمعلم تقويم حاجات المتعلمين. ويحسن استخدام هذه الوسائل في بداية التدريس في عملية تقويم قبلي.
- دراسة البطاقة التراكمية للمتعلم.
- تطبيق اختبار للميول الشخصية.
- تطبيق اختبار قبلي في المقرر الدراسي.
3- تتبع نمو المتعلمين.
4- تشخيص مشكلات التعلم وعلاجها.
وهكذا نجد أن للتقويم مفاهيم ومهارات من شأنها تقوية الروابط بين تقويم تعلم الطلاب وبين العملية التعليمية، كما أن استخدام التقييم يساهم في مساعدة الطلاب على الوصول إلى مستويات عالية من التعلم.
والتقويم بأنواعه القبلي والبنائي والتشخيصي والنهائي، ما هو إلا وسيلة لتحسين التعلم.