عرض حول : مدخل عام حول النظام التربوي في الجزائر
بسم الله الرحمان الرحيم وبه نستعين
سأل معاوية بن أبي سفيان الأحنف بن قيس عن الولد ، فقال : يا أمير المؤمنين أولادنا ثمار قلوبنا ، وعماد ظهورنا ، ونحن لهم أرض ذليلة ، وسماء ظليلة ، وبهم نصول عند كل جليلة ، فإن طلبوا فأعطهم ، وإن غضبوا فأرضهم ، يمنحوك ودهم وجهدهم ، ولا تكن عليهم قفلا فيتمنّوا موتك ويكرهوا قربك ويملوا حياتك. فقال له معاوية : لله أنت ! لقد دخلت علىّ وإني لمملوء غيظا على يزيد ولقد أصلحت من قلبي له ما كان قد فسد.
بهذه العقلية نريد أن نكون في تعاملنا مع أبنائنا، و أن تكون نظرتنا لهم نظرة إيجابية، و أن نغدق عليهم من عطفنا وحبنا.
1 /مفهوم النظام التربوي :
النظام التربوي هو مجموعة القواعد والتنظيمات والإجراءات التي تتبعها دولة ما في تنظيم وتسيير شؤون التربية والتعليم من جميع الجوانب والنظم التربوية بصفة عامة وهي :
انعكاس الفلسفة الفكرية والاجتماعية والسياسية في أي بلد بغض النظر عما إذا كانت هذه
الفلسفة مصرحا بها ومعلنا عنها أم لا وتتأثر النظم التربوية في العالم بالعوامل الرئيسية التالية - العامل الثقافي الحضاري
- العامل السياسي الأيديولوجي
- العامل الطبيعي
ويمكن القول أن النظام التربوي هو محصلة عدة عناصر ومكونات علمية وسياسية واجتماعية واقتصادية و إدارية محلية و إقليمية و عالمية تسعى إلى التنمية البشرية وإعداد الفرد للحياة .
وفي الجزائر لا يختلف الأمر عن غيره من الأنظمة التعليمية في العالم فهي تتشابه في المنطلقات والأبعاد من حيث المفهوم العام لأنها كلها تسعى إلى التنمية البشرية وإعداد الفرد للحياة ولا يميزها سوى التوجهات
الخصوصية في النمط الثقافي والاجتماعي والاقتصادي السائد في المجتمع كما يمكن في المرجعية التي هي مصدر فلسفته وتشريعاته وفي برامج حكوماته التي تحدد أهدافه ومراميه وغاياته .
إن النظام التربوي قرار سياسي بالدرجة الأولى وجزء من مطالب السيادة الوطنية يبرز فيه دور الدولة وحاجات المواطنين ومطالب التنمية الشاملة وهو في الجزائر كما لا يخفى على أحد عبارة عن تشكيلة لجهاز إداري تنظمه علاقات قانونية واجتماعية ودوافع تربوية ثقافية مؤطرة سياسيا واقتصاديا ولقد تأثر بعدة تيارات أهمها وأخطرها تيار الفكر التغريبي الكولونيالي الذي سعى على مدى 132 عاما إلى محو الشخصية الجزائرية.
وهناك من يعرف النظام التربوي بأنه أحد النظم الاجتماعية الهامة التي يتضمنها البناء الإجتماعي. وقد أصبح من مميزات العصر الذي نعيش فيه الاهتمام بشؤون التربية نظرا لأنها قد أصبحت ضرورة حيوية للمجتمع حتى أن عددا من رجالات الفكر لم يترددوا في أن يطلقوا على القرن العشرين اسم '' عصر التربية'' وحيث أن التربية هي الوسيلة الأساسية لتقدم الإنسانية والأساس الذي يقوم عليه كل إصلاح اجتماعي على حد تعبير العالم الأمريكي
(( جون ديوي - J.DEWEY ))
كما أن هناك مفاهيم أخرى للنظام التربوي وضعها المهتمون بشؤون التربية من بينها :
تعاريف أخرى للنظام التربوي :
* النظام التربوي هو:التدريب الرسمي الذي يتم بطريقة شعورية منظمة وقد عرفه أيضاً بعض العلماء بأنه " مجموعة من العمليات التي توجه بوجه خاص نحو اكتساب التعليم " كما عرفه البعض الآخر بأنه " البناء الاجتماعي الذي يؤكد اتصال المعرفة " . وهناك من يعرف النظام التربوي على أنه " نقل المعرفة والمهارات والقيم بطريقة رسمية نظامية " . كما أن هناك من يعرفه بأنه " عملية النقل الرسمية أو غير الرسمية للمعرفة التي يتم اختيارها ، وللمهارات ، والقيم ، اللازمة لإعداد الأفراد كي يصبح لهم عضوية فعالة داخل المجتمع " . ويستدل من هذه التعارف المتعددة للنظام التربوي ، على اهتمام العلماء بدراسة هذا النظام نظراً لأهميته بالنسبة للمجتمع . كما يستدل أيضاً من هذه التعاريف على أن هناك من العلماء من يجعل مفهوم النظام التربوي ضيقاً بحيث يتضمن فقط معنى التربية الرسمية أو التعليم ، وهو أحد العناصر الأساسية لمحتوى العملية التربوية .
ومن وجهة النظرة الاجتماعية ـ بأن النظام التربوي هو " نسق اجتماعي يقوم بدور وظيفي في إعداد وتنشئة وتشكيل النشء من خلال وسائل ومؤسسات وأجهزة لها فاعلية تكوين الفرد
وتهيئته من الناحية الجسمية والعقلية والأخلاقية ، ليكون عضواً في مجتمعه يحيا حياة سوية في بيئته الاجتماعية.
2/ أهداف النظام التربوي :
* أهداف وطنية وتتمثل في تنمية شخصية الأطفال والمواطنين وإعدادهم للعمل والحياة وإكسابهم المعارف العامة العلمية والتكنولوجية التي تمكنهم من الاستجابة للتطلعات الشعبية التواقة إلى العدالة والتقدم وحق المواطن الجزائري في التربية والتكوين
* أهداف دولية وتتمثل في منح التربية التي تساعد على التفاهم والتعاون بين الشعوب وصيانة السلام في العالم على أساس احترام سيادة الأمم وتلقين مبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين والشعوب وإعدادهم لمكافحة كل شكل من أشكال التفرقة والتمييز وتنمية تربية تتجاوب مع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
2/أهمية النظام التربوي:
يلعب النظام التربوي دوراً رئيسياً في إرساء القيم الخلقية للمجتمع. وعلى هذا الأساس فإن متطلبات الحضارة الحديثة تجعل من النظام التربوي عاملاً حيوياً لتطور المجتمع.
وقد أكدت وقائع التغييرات التي شهدتها المجتمعات المختلفة عبر التاريخ بأن المجتمع الذي يقوم على نظام تربوي بالٍ ومغلق سوف يؤول، إن عاجلاً أو آجلاً إلى الزوال. أما النظام التربوي المتفتح المتجدد باستمرار لمجابهة احتياجات المواطنين ومتطلبات الحضارة الحديثة،
فيمكن أن يلعب دوراً تطورياً.
وعلى الرغم من أن هذه الملاحظات قد أصبحت اليوم من بديهيات الأمور، فإن البحوث الاقتصادية المتخصصة في مجال اقتصاديات التربية حديثة العهد، ولم تحظ الأفكار والآراء التي أفرزتها مشكلات الاقتصاد التربوي بالاهتمام اللازم إلا منذ فترة قد لا تتجاوز الأربعين سنة.
وبالنسبة لأهميته على الجانب الاقتصادي فإنّ التأكيد على حداثة الاهتمام باقتصاديات التربية
لا يعني بالضرورة أنّ الفكر الاقتصادي خلال مراحل تطوره قد أهمل إهمالاً مطلقاً العلاقة بين
التربية والاقتصاد ذلك أنّ الفكر الاقتصادي كان حافلاً بالملاحظات والآراء حول التربية ودورها في الحياة الاقتصادية.
وقد بلغ هذا الاهتمام حداً يمكننا من القول بأنه قد يصعب أن نجد في هذه الأيام اقتصاداً أو مخططاً يغفل دور التربية في الحياة الاقتصادية.
ويعود سبب هذا الاهتمام المتزايد بالقطاع التربوي ودوره في التنمية الاقتصادية إلى عوامل أساسية عديدة منها:
1 /التركيز المتزايد على التنمية الاقتصادية.
2 /التوسع الكبير في القطاع التربوي، سواء كانت أسباب هذا التوسع اقتصادية أو اجتماعية.
3 /التأكيد على دور العامل البشري في عملية النمو الاقتصادي.
فالاستثمار فيه له مردود قد يفوق مردود الأموال التي تنفق في مجالات الزراعة والتجارة والصناعة. والتركيز على دور التربية في التنمية الاقتصادية لا يزال المدخل المنطقي لدراسة اقتصاديات التربية.
إنّ للتربية تأثيراً مباشراً على سلوك الأفراد فيما يتعلق بالاستهلاك فكثير من الأحيان يكون السبب الرئيسي في النمط الاستهلاكي، وتفشي ظاهرة الاستهلاك المظهري.
ومن المؤكد أن تحسن المستوي التربوي للفرد يساعد كثيراً في تنمية الاتجاه نحو الإنفاق السليم.
ثبت علمياً، أنّ المواهب الفردية وقابليات الفرد،لا يمكن أن تنمو بدون عناية ورعاية، ترتكز على وسائل تربوية سليمة.
ونظراً لضرورة التوفيق بين الإنفاق التربوي والإنفاق في القطاعات الأخرى، فقد تكونت بين التخطيط التربوي والتخطيط الاقتصادي روابط جديدة تحكمها الأوضاع المالية العامة للدولة.
إنّ تزايد الاهتمام بالقطاع التربوي، في البلدان النامية، بسبب إدراك دور التربية في عملية التنمية كان وراء تطور التخطيط التربوي وربطه بالتخطيط الاقتصادي.الذي يتطلب دراسات شاملة ومتكاملة لكافة الموارد البشرية والمواد الاقتصادية.
ومعنى ذلك أنّ دراسة حجم السكان ومعدل نموه ونوعيته وحركاته وتوزيعه المهني، وربط كل ذلك بالنتائج التي تتوصل إليها دراسة الأوضاع الاقتصادية القائمة وتنبؤات المستقبل، تكون أسس تحديد العلاقة بين التخطيط التربوي والتخطيط الاقتصادي.
فالتطور الاقتصادي والتطور التربوي صنوان لا ينفصلان، والتركيز على التنمية الاقتصادية يسوق بالضرورة إلى النهوض بمستوى القطاع التربوي.
والحقيقة،إنّ الاهتمام بمشكلات التربية ليس وليد اليوم، ولكن الشيء الذي استجد هو حجم هذا الاهتمام وتطور الدراسات المتعلقة بمشكلات التنمية خاصة في البلدان التي يضمها هذا العالم المتخلف الذي يسمى بالعالم الثالث.
ويمكن تلخيص مهام النظام التربوي فيما يلي :
ـ تنمية شخصية الأطفال والمواطنين وإعدادهم للعمل والحياة
ـ اكتساب المعارف العامة العلمية والتكنولوجية
ـ الاستجابة إلى التطلعات الشعبية إلى العدالة والقيم
ـ تنشئة الأجيال على حب الوطن
ـ تلقين النشء مبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين والشعوب وإعدادهم لمكافحة كل شكل من أشكال التفرقة والتمييز
ـ منح تربية تساعد على التفاهم والتعاون بين الشعوب وصيانة السلام في العالم على أساس احترام سيادة الأمم
ـ تنمية تربية تتجاوب مع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية
عوائق المنظومة التربوية :
1 - / إن النظام التربوي في أي بلد كان يعكس طموحات مجتمعه ويكرس اختيارات شعبه الثقافية والسياسية والاجتماعية ويحاول أن يجد النظام الملائم لتنشئة الأجيال تنشئة اجتماعية سليمة , وكل هذا يتوقف على المربي بدرجة أولى باعتباره حلقة من الحلقات الأساسية في النظام التربوي و هو العنصر الحي فيها, فثقافة ووعي المعلم وتكوينه الجاد وحرصه على مسايرة التطورات الحديثة الحاصلة في ميدان التربية والتعليم عامل أساسي ومهم في نجاح المنظومة التربوية . ذلك لأن ضعف التكوين في الجانب النفسي والبيداغوجي لدى المربي
يجعله غير قادر على مسايرة الأحداث الطارئة في المجال التربوي لغياب الوعي التربوي وهذا ما يؤدي إلى فشل المنظومة التربوية في تطبيق برامجها ونظامها المتطور .
2 - /للأسرة والمجتمع دور كبير في نجاح المنظومة التربوية . فالمتعلم في مختلف الأطوار التعليمية يقضي أوقاتا وأعمارا محدودة ومعينة في المؤسسات التعليمية , والمربي يقف مشدوها أمام تخلي الأولياء عن متابعة دراسة أبنائهم و تشجيعهم ومد الأمل للمربي ، ناهيك عن المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها المتعلم من الفقر والخلافات الأسرية و... وهذا العائق الآخر الذي يقف أمام نجاح المنظومة التربوية.
3 - /البناء المادي للمدرسة : تفتقر المدرسة إلى الكثير من التحسينات ناهيك عن الكماليات من قلة النظافة وسوء التسيير وتوفير التجهيزات والوسائل العلمية الحديثة . ففي بعض المناطق من القطر الجزائري تعاني المؤسسات التعليمية من عدم توفير المياه والكهرباء والمواصلات فإذا كانت المدرسة لا تتوفرعلى أدنى شروط الحياة فكيف تستطيع تطبيق هذه البرامج التربوية.
4 - /وسائل الإعلام بجميع أنواعها المكتوبة والسمعية والبصرية : نلاحظ في مختلف وسائل الإعلام غياب الوعي التربوي الذي يبرز لنا أهمية التربية وتأثيرها في المجتمع .
ويمكن أن نوجز أهم معوقات النظام التربوي بما يلي :
* نقص كفاءة الأساتذة والمعلمين في مجال التدريس وتعتبر أبرز المشكلات حيث يشكون من ضعف التكوين حيث أهمل هذا الجانب.
*ضعف الإمكانيات والموارد في الوسط التربوي
*الاكتظاظ داخل الحجرات فبعض المؤسسات التربوية تعمل بضعف طاقتها الاستيعابية مما ينتج عنه مشاكل للجهاز التربوي والفريق الإداري
*انخفاض المستوى التعليمي لدى التلاميذ وارتفاع نسب التسرب المدرسي
* انخفاض معدلات النجاح في الشهادات المختلفة
* المشكلات الاجتماعية المرتبطة بالبيئة المدرسية
* قلة الوسائل البيداغوجية وانعدامها في بعض الأحيان مما يضع المعلمين والأساتذة في مأزق التلقين وانتهاج أساليب غير ناجعة من أجل توصيل المفاهيم للطلب.
* مشكل اللغات وتعليمها حيث يعتبر تدني التحصيل الدراسي في مجال تعلم اللغات الأجنبية تحديا كبيرا للنظام التربوي في الجزائر خاصة في المناطق الداخلية والجنوب .
* ضعف أداء جمعيات أولياء التلاميذ حيث لا يقتصر دورها في أحسن الأحوال إلا على تقديم بعض المساعدات لمن هم في حاجة إلى ذلك رغم أن دورها مهم وضروري كشريك لا بد منه لنجاح العملية التعليمية فهي حلقة الوصل بين المدرسة والمجتمع.
بسم الله الرحمان الرحيم وبه نستعين
سأل معاوية بن أبي سفيان الأحنف بن قيس عن الولد ، فقال : يا أمير المؤمنين أولادنا ثمار قلوبنا ، وعماد ظهورنا ، ونحن لهم أرض ذليلة ، وسماء ظليلة ، وبهم نصول عند كل جليلة ، فإن طلبوا فأعطهم ، وإن غضبوا فأرضهم ، يمنحوك ودهم وجهدهم ، ولا تكن عليهم قفلا فيتمنّوا موتك ويكرهوا قربك ويملوا حياتك. فقال له معاوية : لله أنت ! لقد دخلت علىّ وإني لمملوء غيظا على يزيد ولقد أصلحت من قلبي له ما كان قد فسد.
بهذه العقلية نريد أن نكون في تعاملنا مع أبنائنا، و أن تكون نظرتنا لهم نظرة إيجابية، و أن نغدق عليهم من عطفنا وحبنا.
1 /مفهوم النظام التربوي :
النظام التربوي هو مجموعة القواعد والتنظيمات والإجراءات التي تتبعها دولة ما في تنظيم وتسيير شؤون التربية والتعليم من جميع الجوانب والنظم التربوية بصفة عامة وهي :
انعكاس الفلسفة الفكرية والاجتماعية والسياسية في أي بلد بغض النظر عما إذا كانت هذه
الفلسفة مصرحا بها ومعلنا عنها أم لا وتتأثر النظم التربوية في العالم بالعوامل الرئيسية التالية - العامل الثقافي الحضاري
- العامل السياسي الأيديولوجي
- العامل الطبيعي
ويمكن القول أن النظام التربوي هو محصلة عدة عناصر ومكونات علمية وسياسية واجتماعية واقتصادية و إدارية محلية و إقليمية و عالمية تسعى إلى التنمية البشرية وإعداد الفرد للحياة .
وفي الجزائر لا يختلف الأمر عن غيره من الأنظمة التعليمية في العالم فهي تتشابه في المنطلقات والأبعاد من حيث المفهوم العام لأنها كلها تسعى إلى التنمية البشرية وإعداد الفرد للحياة ولا يميزها سوى التوجهات
الخصوصية في النمط الثقافي والاجتماعي والاقتصادي السائد في المجتمع كما يمكن في المرجعية التي هي مصدر فلسفته وتشريعاته وفي برامج حكوماته التي تحدد أهدافه ومراميه وغاياته .
إن النظام التربوي قرار سياسي بالدرجة الأولى وجزء من مطالب السيادة الوطنية يبرز فيه دور الدولة وحاجات المواطنين ومطالب التنمية الشاملة وهو في الجزائر كما لا يخفى على أحد عبارة عن تشكيلة لجهاز إداري تنظمه علاقات قانونية واجتماعية ودوافع تربوية ثقافية مؤطرة سياسيا واقتصاديا ولقد تأثر بعدة تيارات أهمها وأخطرها تيار الفكر التغريبي الكولونيالي الذي سعى على مدى 132 عاما إلى محو الشخصية الجزائرية.
وهناك من يعرف النظام التربوي بأنه أحد النظم الاجتماعية الهامة التي يتضمنها البناء الإجتماعي. وقد أصبح من مميزات العصر الذي نعيش فيه الاهتمام بشؤون التربية نظرا لأنها قد أصبحت ضرورة حيوية للمجتمع حتى أن عددا من رجالات الفكر لم يترددوا في أن يطلقوا على القرن العشرين اسم '' عصر التربية'' وحيث أن التربية هي الوسيلة الأساسية لتقدم الإنسانية والأساس الذي يقوم عليه كل إصلاح اجتماعي على حد تعبير العالم الأمريكي
(( جون ديوي - J.DEWEY ))
كما أن هناك مفاهيم أخرى للنظام التربوي وضعها المهتمون بشؤون التربية من بينها :
تعاريف أخرى للنظام التربوي :
* النظام التربوي هو:التدريب الرسمي الذي يتم بطريقة شعورية منظمة وقد عرفه أيضاً بعض العلماء بأنه " مجموعة من العمليات التي توجه بوجه خاص نحو اكتساب التعليم " كما عرفه البعض الآخر بأنه " البناء الاجتماعي الذي يؤكد اتصال المعرفة " . وهناك من يعرف النظام التربوي على أنه " نقل المعرفة والمهارات والقيم بطريقة رسمية نظامية " . كما أن هناك من يعرفه بأنه " عملية النقل الرسمية أو غير الرسمية للمعرفة التي يتم اختيارها ، وللمهارات ، والقيم ، اللازمة لإعداد الأفراد كي يصبح لهم عضوية فعالة داخل المجتمع " . ويستدل من هذه التعارف المتعددة للنظام التربوي ، على اهتمام العلماء بدراسة هذا النظام نظراً لأهميته بالنسبة للمجتمع . كما يستدل أيضاً من هذه التعاريف على أن هناك من العلماء من يجعل مفهوم النظام التربوي ضيقاً بحيث يتضمن فقط معنى التربية الرسمية أو التعليم ، وهو أحد العناصر الأساسية لمحتوى العملية التربوية .
ومن وجهة النظرة الاجتماعية ـ بأن النظام التربوي هو " نسق اجتماعي يقوم بدور وظيفي في إعداد وتنشئة وتشكيل النشء من خلال وسائل ومؤسسات وأجهزة لها فاعلية تكوين الفرد
وتهيئته من الناحية الجسمية والعقلية والأخلاقية ، ليكون عضواً في مجتمعه يحيا حياة سوية في بيئته الاجتماعية.
2/ أهداف النظام التربوي :
* أهداف وطنية وتتمثل في تنمية شخصية الأطفال والمواطنين وإعدادهم للعمل والحياة وإكسابهم المعارف العامة العلمية والتكنولوجية التي تمكنهم من الاستجابة للتطلعات الشعبية التواقة إلى العدالة والتقدم وحق المواطن الجزائري في التربية والتكوين
* أهداف دولية وتتمثل في منح التربية التي تساعد على التفاهم والتعاون بين الشعوب وصيانة السلام في العالم على أساس احترام سيادة الأمم وتلقين مبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين والشعوب وإعدادهم لمكافحة كل شكل من أشكال التفرقة والتمييز وتنمية تربية تتجاوب مع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
2/أهمية النظام التربوي:
يلعب النظام التربوي دوراً رئيسياً في إرساء القيم الخلقية للمجتمع. وعلى هذا الأساس فإن متطلبات الحضارة الحديثة تجعل من النظام التربوي عاملاً حيوياً لتطور المجتمع.
وقد أكدت وقائع التغييرات التي شهدتها المجتمعات المختلفة عبر التاريخ بأن المجتمع الذي يقوم على نظام تربوي بالٍ ومغلق سوف يؤول، إن عاجلاً أو آجلاً إلى الزوال. أما النظام التربوي المتفتح المتجدد باستمرار لمجابهة احتياجات المواطنين ومتطلبات الحضارة الحديثة،
فيمكن أن يلعب دوراً تطورياً.
وعلى الرغم من أن هذه الملاحظات قد أصبحت اليوم من بديهيات الأمور، فإن البحوث الاقتصادية المتخصصة في مجال اقتصاديات التربية حديثة العهد، ولم تحظ الأفكار والآراء التي أفرزتها مشكلات الاقتصاد التربوي بالاهتمام اللازم إلا منذ فترة قد لا تتجاوز الأربعين سنة.
وبالنسبة لأهميته على الجانب الاقتصادي فإنّ التأكيد على حداثة الاهتمام باقتصاديات التربية
لا يعني بالضرورة أنّ الفكر الاقتصادي خلال مراحل تطوره قد أهمل إهمالاً مطلقاً العلاقة بين
التربية والاقتصاد ذلك أنّ الفكر الاقتصادي كان حافلاً بالملاحظات والآراء حول التربية ودورها في الحياة الاقتصادية.
وقد بلغ هذا الاهتمام حداً يمكننا من القول بأنه قد يصعب أن نجد في هذه الأيام اقتصاداً أو مخططاً يغفل دور التربية في الحياة الاقتصادية.
ويعود سبب هذا الاهتمام المتزايد بالقطاع التربوي ودوره في التنمية الاقتصادية إلى عوامل أساسية عديدة منها:
1 /التركيز المتزايد على التنمية الاقتصادية.
2 /التوسع الكبير في القطاع التربوي، سواء كانت أسباب هذا التوسع اقتصادية أو اجتماعية.
3 /التأكيد على دور العامل البشري في عملية النمو الاقتصادي.
فالاستثمار فيه له مردود قد يفوق مردود الأموال التي تنفق في مجالات الزراعة والتجارة والصناعة. والتركيز على دور التربية في التنمية الاقتصادية لا يزال المدخل المنطقي لدراسة اقتصاديات التربية.
إنّ للتربية تأثيراً مباشراً على سلوك الأفراد فيما يتعلق بالاستهلاك فكثير من الأحيان يكون السبب الرئيسي في النمط الاستهلاكي، وتفشي ظاهرة الاستهلاك المظهري.
ومن المؤكد أن تحسن المستوي التربوي للفرد يساعد كثيراً في تنمية الاتجاه نحو الإنفاق السليم.
ثبت علمياً، أنّ المواهب الفردية وقابليات الفرد،لا يمكن أن تنمو بدون عناية ورعاية، ترتكز على وسائل تربوية سليمة.
ونظراً لضرورة التوفيق بين الإنفاق التربوي والإنفاق في القطاعات الأخرى، فقد تكونت بين التخطيط التربوي والتخطيط الاقتصادي روابط جديدة تحكمها الأوضاع المالية العامة للدولة.
إنّ تزايد الاهتمام بالقطاع التربوي، في البلدان النامية، بسبب إدراك دور التربية في عملية التنمية كان وراء تطور التخطيط التربوي وربطه بالتخطيط الاقتصادي.الذي يتطلب دراسات شاملة ومتكاملة لكافة الموارد البشرية والمواد الاقتصادية.
ومعنى ذلك أنّ دراسة حجم السكان ومعدل نموه ونوعيته وحركاته وتوزيعه المهني، وربط كل ذلك بالنتائج التي تتوصل إليها دراسة الأوضاع الاقتصادية القائمة وتنبؤات المستقبل، تكون أسس تحديد العلاقة بين التخطيط التربوي والتخطيط الاقتصادي.
فالتطور الاقتصادي والتطور التربوي صنوان لا ينفصلان، والتركيز على التنمية الاقتصادية يسوق بالضرورة إلى النهوض بمستوى القطاع التربوي.
والحقيقة،إنّ الاهتمام بمشكلات التربية ليس وليد اليوم، ولكن الشيء الذي استجد هو حجم هذا الاهتمام وتطور الدراسات المتعلقة بمشكلات التنمية خاصة في البلدان التي يضمها هذا العالم المتخلف الذي يسمى بالعالم الثالث.
ويمكن تلخيص مهام النظام التربوي فيما يلي :
ـ تنمية شخصية الأطفال والمواطنين وإعدادهم للعمل والحياة
ـ اكتساب المعارف العامة العلمية والتكنولوجية
ـ الاستجابة إلى التطلعات الشعبية إلى العدالة والقيم
ـ تنشئة الأجيال على حب الوطن
ـ تلقين النشء مبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين والشعوب وإعدادهم لمكافحة كل شكل من أشكال التفرقة والتمييز
ـ منح تربية تساعد على التفاهم والتعاون بين الشعوب وصيانة السلام في العالم على أساس احترام سيادة الأمم
ـ تنمية تربية تتجاوب مع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية
عوائق المنظومة التربوية :
1 - / إن النظام التربوي في أي بلد كان يعكس طموحات مجتمعه ويكرس اختيارات شعبه الثقافية والسياسية والاجتماعية ويحاول أن يجد النظام الملائم لتنشئة الأجيال تنشئة اجتماعية سليمة , وكل هذا يتوقف على المربي بدرجة أولى باعتباره حلقة من الحلقات الأساسية في النظام التربوي و هو العنصر الحي فيها, فثقافة ووعي المعلم وتكوينه الجاد وحرصه على مسايرة التطورات الحديثة الحاصلة في ميدان التربية والتعليم عامل أساسي ومهم في نجاح المنظومة التربوية . ذلك لأن ضعف التكوين في الجانب النفسي والبيداغوجي لدى المربي
يجعله غير قادر على مسايرة الأحداث الطارئة في المجال التربوي لغياب الوعي التربوي وهذا ما يؤدي إلى فشل المنظومة التربوية في تطبيق برامجها ونظامها المتطور .
2 - /للأسرة والمجتمع دور كبير في نجاح المنظومة التربوية . فالمتعلم في مختلف الأطوار التعليمية يقضي أوقاتا وأعمارا محدودة ومعينة في المؤسسات التعليمية , والمربي يقف مشدوها أمام تخلي الأولياء عن متابعة دراسة أبنائهم و تشجيعهم ومد الأمل للمربي ، ناهيك عن المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها المتعلم من الفقر والخلافات الأسرية و... وهذا العائق الآخر الذي يقف أمام نجاح المنظومة التربوية.
3 - /البناء المادي للمدرسة : تفتقر المدرسة إلى الكثير من التحسينات ناهيك عن الكماليات من قلة النظافة وسوء التسيير وتوفير التجهيزات والوسائل العلمية الحديثة . ففي بعض المناطق من القطر الجزائري تعاني المؤسسات التعليمية من عدم توفير المياه والكهرباء والمواصلات فإذا كانت المدرسة لا تتوفرعلى أدنى شروط الحياة فكيف تستطيع تطبيق هذه البرامج التربوية.
4 - /وسائل الإعلام بجميع أنواعها المكتوبة والسمعية والبصرية : نلاحظ في مختلف وسائل الإعلام غياب الوعي التربوي الذي يبرز لنا أهمية التربية وتأثيرها في المجتمع .
ويمكن أن نوجز أهم معوقات النظام التربوي بما يلي :
* نقص كفاءة الأساتذة والمعلمين في مجال التدريس وتعتبر أبرز المشكلات حيث يشكون من ضعف التكوين حيث أهمل هذا الجانب.
*ضعف الإمكانيات والموارد في الوسط التربوي
*الاكتظاظ داخل الحجرات فبعض المؤسسات التربوية تعمل بضعف طاقتها الاستيعابية مما ينتج عنه مشاكل للجهاز التربوي والفريق الإداري
*انخفاض المستوى التعليمي لدى التلاميذ وارتفاع نسب التسرب المدرسي
* انخفاض معدلات النجاح في الشهادات المختلفة
* المشكلات الاجتماعية المرتبطة بالبيئة المدرسية
* قلة الوسائل البيداغوجية وانعدامها في بعض الأحيان مما يضع المعلمين والأساتذة في مأزق التلقين وانتهاج أساليب غير ناجعة من أجل توصيل المفاهيم للطلب.
* مشكل اللغات وتعليمها حيث يعتبر تدني التحصيل الدراسي في مجال تعلم اللغات الأجنبية تحديا كبيرا للنظام التربوي في الجزائر خاصة في المناطق الداخلية والجنوب .
* ضعف أداء جمعيات أولياء التلاميذ حيث لا يقتصر دورها في أحسن الأحوال إلا على تقديم بعض المساعدات لمن هم في حاجة إلى ذلك رغم أن دورها مهم وضروري كشريك لا بد منه لنجاح العملية التعليمية فهي حلقة الوصل بين المدرسة والمجتمع.