إن اللحاق بركب الأحداث قد يكون فضيلة، غير أنه في تطبيق التقنية المتقدمة في مجال التعليم أمر تفرضه المصلحة الاجتماعية والجدوى الاقتصادية وهو قوة دفع نحو مستقبل زاهر إذ من شأن ذلك تعظيم القدرة على تأهيل الكوادر البشرية في مختلف التخصصات التي يتطلبها المجتمع، إن تحقيق ذلك بالطرق التقليدية يفوق طاقة استيعاب المؤسسات التعليمية، بل إن توفير هذه الكوادر يتحقق ـ بفضل هذه التقنية ـ بتكلفة أقل كثيراً. كما يحقق تكافؤ الفرص بين أبناء المجتمع، إذ لا يقتصر الانتفاع بهذه التقنية على أبناء المدن حيث توجد المؤسسات التعليمية، بل يمكن توفيره بذات الكفاءة والتكلفة لأبناء الريف والمناطق النائية بما يرفع من مستواهم العلمي ويفتح لهم آفاق المساهمة في النشاط العلمي والإنتاجي بمجتمعهم.
خلال العقد الماضي كانت هناك ثورة ضخمة في تطبيقات الحاسب التعليمي ولا يزال استخدام الحاسب في مجال التربية والتعليم في بداياته التي تزداد يوماً بعد يوم، بل بدأ يأخذ أشكالا عدة فمن الحاسب في التعليم إلى استخدام الإنترنت في التعليم.
وفي ظل هذا التطور لتقنيات التعليم نجد أن الأدوار في مكونات منظومة التدريس (المدرسة والمعلم وطرق التدريس...) قد تغيرت، وفيما يأتي توضيح لذلك:
دور المدرسة:
إن المدرسة في عصر "التعلم مدى الحياة للمعلم" ينظر إليها نظرة إلى النظام التعليمي كمصدر أساسي لتلبية احتياجات المجتمع، عندما يواجه تغيرات عميقة وسريعة. وذلك لإحداث توازن بين النظام التعليمي وحاجات المجتمع. ثم تأتي مهنة التعليم لتؤدي دور الوسيط لمحاولة مواجهة وتلبية تلك الاحتياجات. لكن بشروط أن تحصل هذه المهنة على التدريب الصحيح الموجه لمتطلبات العصر، وأن تحصل على التجهيزات ليكون لديها القدرة على مواجهة التغيرات العديدة والسريعة، التي تواجهها وتقف أمامها، لتتمكن مهنة التعليم من الفوز بثقة المجتمع،والمحافظة عليها بشكل بناء وفاعل في عصر يتغير بشكل يصعب اللحاق به..
إن المجتمع له مطالب كثيرة من نظامه التعليمي ومن المدرسة، وذلك للتغيير الكبير الذي يطرأ عليه ولتحقيق تلك المطالب لابد من تطوير مهنة التعليم في ظل مفهوم "التعلم مدى الحياة للمعلم" الذي يتطلب فهماً عميقاً لحقيقة التغيير الذي يطرأ على المجتمع.. وفهماً حقيقياً لدور المدرسة في ظل هذا التغيير من نظريات ومواقف.
دور المعلم:
لقد تغير دور المعلم خلال الحقبات التاريخية التي تعاقبت عليه من تقديم وشرح الكتاب المدرسي وتحضير الدروس واستخدام الوسائل ووضع الاختبارات، وأصبح دوره يرتكز على التخطيط للعملية التعليمية وتصميمها ومعرفة أجزائها، فهو في هذا المجال أصبح المخطط والموجه والمرشد والمدير والمقيم للعملية التعليمية، ناهيك عن إتاحة الفرصة للطالب للمشاركة بحرية أكبر مع إكسابه مهارات أكثر ما انعكس على قدرة الطالب على الاتصال وتفجير طاقاته وقدراته، وبناء شخصيته واطلاعه على احدث ما توصل له العلم في شتى المجالات، وهذا يتطلب من المعلم أن يكون على معرفة بالبيئة التعليمية وخصائص المتعلمين ومهاراتهم وقدراتهم واختيار الطرق التدريسية المناسبة، ووضع الأهداف التعليمية المناسبة ومراعاة الفروق الفردية، لأن طرق وأساليب التدريس تعتبر من أهم مكونات المنهج الأساسية، ذلك أن الأهداف التعليمية، والمحتوى الذي يختاره المختصون في المناهج، لا يمكن تقويمهما إلا بواسطة المعلم والأساليب التي يتبعها في تدريسه.
لذلك يمكن اعتبار التدريس بمثابة همزة الوصل بين الطالب، ومكونات المنهج والأسلوب بهذا الشكل يتضمن المواقف التعليمية المتنوعة التي تتم داخل غرفة الصف والتي ينظمها المعلم، والطريقة التي يتبعها، حيث يجعل هذه المواقف فعالة ومثمرة في ذات الوقت.
كما على المعلم أن يجعل درسه مرغوبا فيه لدى الطلاب خلال طريقة التدريس التي يتبعها، ومن خلال استثارة فاعلية التلاميذ ونشاطهم، ومن الأهمية بمكان أن نؤكد على أن المعلم هو الأساس. فليست الطريقة هي الأساس، وإنما هي أسلوب يتبعه المعلم لتوصيل معلوماته وما يصاحبها إلى التلاميذ..
واستخدام تقنيات التعليم لا يعني إلغاء دور المعلم بل يصبح دوره أكثر أهمية وأكثر صعوبة، فهو شخص مبدع ذو كفاءة عالية يدير العملية التعليمية باقتدار ويعمل على تحقيق طموحات التقدم والتقنية.
لقد أصبحت مهنة المعلم مزيجا من مهام القائد والناقد والموجه، ولكي يكون دور المعلم فعالاً يجب أن يجمع المعلم بين التخصص والخبرة، وأن يكون مؤهلاً تأهيلاً جيداً ومكتسباً الخبرة اللازمة لصقل تجربته في ضوء دقة التوجيه الفني عبر الإشراف المتنوع والمناسب، حيث لا يحتاج المعلمون إلى التدريب الرسمي فحسب، بل والمستمر من زملائهم لمساعدتهم على إتقان أفضل الطرق لتحقيق التكامل ما بين التكنولوجيا وبين تعليمهم.
ولكي يصبح دور المعلم مهما في توجيه طلابه الوجهة الصحيحة للاستفادة القصوى من التكنولوجيا على المعلم أن يقوم بما يلي:
1- أن يعمل على تحويل غرفة الصف الخاصة به من مكان يتم فيه انتقال المعلومات بشكل ثابت وفي اتجاه واحد من المعلم إلى الطالب إلى بيئة تعلم تمتاز بالديناميكية وتتمحور حول الطالب حيث يقوم الطلاب مع رفقائهم على شكل مجموعات في كل صفوفهم وكذلك مع صفوف أخرى من حول العالم عبر الإنترنت.
2- أن يطور فهما عمليا حول صفات واحتياجات الطلاب المتعلمين.
3- أن يتبع مهارات تدريسية تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات والتوقعات المتنوعة والمتباينة للمتلقين.
4- أن يطور فهما عمليا لتكنولوجيا التعليم مع استمرار تركيزه على الدور التعليمي الشخصي له.
5- أن يعمل بكفاءة كمرشد وموجه حاذق للمحتوى التعليمي.
ومما لا شك فيه هو أن دور المعلم سوف يبقى للأبد وسوف يصبح أكثر صعوبة من السابق، لأن المعلم هو جوهر العملية التعليمية لذا يجب عليه أن يكون منفتحاً على كل جديد وبمرونة تمكنه من الإبداع والابتكار، ليكون قادرا على مجابهة التحديات و الوقوف أمام متطلبات العصر و تحدياته و ما يسمى بالعولمة و ما تشكله من تحدي ثقافي واجتماعي واقتصادي.
ومن خلال ذلك يمكن أن نجمل دور المعلم في عصر التقنيات بالمجالات الأربع التالية:
1- تصميم للنظام التعليم.
2- توظيف التكنولوجيا.
3- تشجيع التفاعل بين الطلاب.
4- تطوير التعلم الذاتي عند الطلاب.
5- المعلم موصل ومطور تعليمي.
6- المعلم مشرف وموجه تربوي
دور المعلم في عصر التقنيات هو توظيف التكنولوجيا:
تطورت تقنيات التعليم خلال العقد الماضي بشكل سريع. وأصبح على المعلم أن يستخدم تكنولوجيا المعدات والأجهزة بفاعلية عند تقديم التعليم وهناك على الأقل خمس تقنيات يمكن للمعلم أن يستخدمها وهي:
1- المواد المطبوعة مثل: البرامج التعليمية، ودليل الدروس، والمقررات الدراسية.
2- التكنولوجيا المعتمدة على الصوت (تكنولوجيا السمعيات) مثل: الأشرطة والبث الإذاعي، التلفونات.
3- الرسوم الالكترونية، مثل: اللوحة الالكترونية، الفاكس.
4- تكنولوجيا الفيديو مثل: التلفزيون التربوي، التلفزيون العادي، الفيديو المتفاعل، وأشرطة الفيديو، وأقراص الفيديو.
5- الحاسوب و شبكاته، مثل: الحاسوب التعليمي، مناقشات البريد الالكتروني، شبكة الانترنت، ومناقشات الفيديو الرقمي.
دور طرق وأساليب التدريس:
إن طريقة التدريس ليست سوى مجموعة خطوات يتبعها المعلم لتحقيق أهداف معينة. وإذا كانت هناك طرق متعددة مشهورة للتدريس، فإن ذلك يرجع في الأصل إلى أفكار المربين عبر العصور عن الطبيعة البشرية، وعن طبيعة المعرفة ذاتها، كما يرجع أيضاً إلى ما توصل إليه علماء النفس عن ماهية التعلم، وهذا ما يجعلنا نقول إن هناك جذور تربوية ونفسية لطرائق التدريس.
وأورد الهيجاء (2001) تعريف هايمان لطريقة التدريس على "أنها نمط أو أسلوب يمكن تكراره في معاملة الناس والأشياء والأحداث موجها توجيهاً مقصوداً وواعياً نحو تحقيق هدف ما،نجد بأن هذا التعريف عاماً لطريقة التدريس.
وعرفها الخليفة (2003) بشكل أكثر دقة بأنها مجموعة من إجراءات التدريس المختارة سلفاً من قبل المعلم، والتي يخطط لاستخدامها عند تنفيذ التدريس، بما يحقق أهداف التدريسية المرجوة بأقصى فعالية ممكنة، وفي ضوء الإمكانيات المتاحة.ويمكن أن نعرفها بأنها مجموع الأنشطة و الإجراءات غير التقليدية التي يقوم بها المعلم بالتعاون مع التلاميذ في مختلف المواقف التعليمية بهدف إكساب المتعلمين عدة خبرات تربوية لتظهر آثارها عليهم كمحصلة للعملية التربوية والتعليمية.
أولاً: مفهوم أسلوب التدريس
أسلوب التدريس هو الكيفية التي يتناول بها المعلم طريقة التدريس أثناء قيامه بعملية التدريس، أثناء قيامه بعملية التدريس، أو هو الأسلوب الذي يتبعه المعلم في تنفيذ طريقة التدريس بصورة تميزه عن غيره من المعلمين الذين يستخدمون نفي الطريقة، ومن ثم يرتبط بصورة أساسية بالخصائص الشخصية للمعلم.
ومفاد هذا التعريف أن أسلوب التدريس قد يختلف من معلم إلى آخر، على الرغم من استخدامهم لنفس الطريقة، مثال ذل أننا نجد أن المعلم (س) يستخدم طريقة المحاضرة، وأن المعلم (ص) يستخدم أيضاً طريقة المحاضرة ومع ذلك قد نجد فروقاً دالة في مستويات تحصيل تلاميذ كلا منهم. وهذا يعني أن تلك الفروق يمكن أن تنسب إلى أسلوب التدريس الذي يتبعه المعلم، ولا تنسب إلى طريقة التدريس على اعتبار أن طرق التدريس لها خصائصها وخطواتها المحددة والمتفق عليها.
ثانياً: طبيعة أسلوب التدريس
سبق القول أن أسلوب التدريس يرتبط بصورة أساسية بالصفات والخصائص والسمات الشخصية للمعلم، وهو ما يشير إلى عدم وجود قواعد محددة لأساليب التدريس ينبغي على المعلم إتباعها أثناء قيامه بعملية التدريس، وبالتالي فإن طبيعة أسلوب التدريس تضل مرهونة بالمعلم الفرد وبشخصيته وذاتيته وبالتعبيرات اللغوية، والحركات الجسمية، وتعبيرات الوجه، والانفعالات، ونغمة الصوت، ومخارج الحروف، والإشارات والإيماءات، والتعبير عن القيم، وغيرها، تمثل في جوهرها الصفات الشخصية الفردية التي يتميز بها المعلم عن غيره من المعلمين، ووفقاً لها يتميز أسلوب التدريس الذي يستخدمه وتتحدد طبيعته وأنماطه.